Sunday, March 16, 2025

ردة فــعــل

 


باغتتني زميلتي في العمل التطوعي 

بسؤالها : نون .. إنتي خلصتي عِدتِك ؟

المباغتة أربكتني

وشلّت تفكيري للحظات

فـ أغمضت عيناي  وهززت رأسي 

وتوقفت عن شق بطون أرغفة العيش الفينو بالسكين

تمهيدا لحشوها بالجبن الرومي والفلمنك والمربى

وتجهيزها كوجبات سحور  جاهزة للتوزيع

كـ رد فعل على المباغتة

وقلت لها : إيه ؟!! .. عِدتي ؟!! .. يعني إيه ؟

فقالت لي : عِدتك يا نون .. عدِتك

شهور العِدّة  .. مش اتطلقتي خلاص 

فقلت لها  : أااااااااه .. العِدة 

معرفش ليه جه في بالي بكلمة عدتك دي 

 إنك تقصدي  جهاز كهربائي .. عِدة تليفون 

 حاجة في الرينج ده 

فمكونتش فاهمة يعني إيه خلصت عِدتي 

!!

فضحكت زميلتي وقالت : أساسا ؟

!!

 ده انتي مش في بالك خالص موضوع الطلاق ده 

رفعت أكتافي ولويت شفاهي 

وأنا أقول لها :  ولا مش في بالي ولا في بالي .. عادي يعني

بس بتسألي ليه  إن كنت خلصت شهور عدتي ؟

فــ وثبت  نحوي بــ وثبة  

 كـ ذئبة تهم أن تنقض على فريستها 

وأحاطت كتفاي بــ يداها 

وقالت لي بـ همس وبإبتسامة ماكرة 

 " أصل عريسك الخامس عندي " 

قالت جملتها وهي تغمز لي  

ثم أعقبت جملتها بضحكة 

**

كان رد فعلي هو 

أنني نظرت لها ببلاهة 

أحاول أن أفهم لما الغمزة ولما الضحكة ولما الوثبة 

ولما زميلة لي لا تربطني بها صداقة مهتمة بـ تزويجي 

!!!!

**

طرقعت بأصابعها أمام وجهي

فــ جفلت وأرجعت رأسي للوراء

 خوفا من أن تدخل أصابعها في عيني 

فقالت لي : إييييييه .. روحتي فين ؟

إيه ؟ مش مصدقة إني جيبالك عريس ؟ 

ثم أكدت على كلامها بأن أقسمت قائلة 

والله فيه عريس 

نظرت لها بــ صمت

أحاول أن أفكر في رد يبدو كليشيهيا  اعتياديا 

كــ  : أنا مبفكرش في الجواز تاني 

أو كــ  : لأ خلاص الحمد لله على كدة .. كفاية أربع مرات جواز 

أو كـ : لأ خلاص جربت حظي أكتر من مرة 

 وعرفت إني ماليش في جو الأسرة والاستقرار ده

 أو حتى  رد يبدو منه اني مهتمة بالأمر

كـ : مين العريس ده  ؟ وبيشتغل إيه  ؟ 

ولكني وجدت نفسي  أنظر لها بـ صمت وأنا أفكر في اللا شيء

كان رأسي فارغا تماما من أي ردود

**

طالت نظرتي لها  وطال صمتي

فمدت يدها نحو كتفي وهزتني

وقالت لي بـ تعجب : نووون .. مالك ؟

فوجدتني قد مددت يدي لها 

أناولها السكين الذي كنت استخدمه في شق بطون أرغفة الفينو 

وأقول لها : خدي كملي إنتي بدالي 

و اتجهت نحو الحوض وغسلت يدي 

ثم اتجهت نحو حقيبتي ..  إلتقطتها وعلقتها على كتفي

ودورت حول نفسي دورة 

وأنا أنظر في أرجاء البدروم

أبحث عن أي شيء ينتمي لي  

فوجدت سبحتي الزرقاء  ونظارتي الطبية ومعطفي الأحمر

 متجاورين فوق مقعد بلاستيكي  يقبع في أحد الأركان

فـ اتجهت نحو المقعد ولملمت أشيائي من فوقه

وألقيت السلام

وخرجت من المكان

**

كانت زميلتي تناديني من خلفي

نون .. نون .. نووون 

لم أكن ألقي لها بالا

كنت أسير في الطريق وأنا أشعر بالإختناق

أشرت لأول سيارة أجرة

وسألت السائق : القاهرة يسطا ؟

فجفل السائق وقال  بتعجب : القاهرة ؟ 

!!!

فقلت له : أيوة 

فقال لي : القاهرة  القاهرة 

 ولا عوزاني يعني أوصلك للموقف تركبي حاجة رايحة القاهرة 

قلت له : لأ  مش عايزة اركب من الموقف .. توصلني إنت القاهرة ؟

فقال لي : هتدفعي كتير يا أستاذة 

قلت له : مش هنختلف إن شاء الله  

فقال لي : اتفضلي اركبي

ركبت ..  وبكيت طوال الطريق

من بني سويف حتى القاهرة 

بكيت بكاءا حارا صامتا

وحتى الأن لا أعرف سبب بكائي

ولا أعرف ما الخطأ التي ارتكبته زميلتي 

كي تكون هذه ردة فعلي على جملتها

" أصل عريسك الخامس عندي "

-_-

***

أكـتـب كـي أُشـفـى 

_______________


إنـــتـــهـــى


No comments:

users online