أغرق في حالة مزاجية هازئة من كل إلتزام
وكل مبدأ
وكل قيد
أستهزأ بكل المقدسات الدينية
والإجتماعية
***
الأمر بدأ منذ الصباح
حين استسلمت لمزاج إكتئابي
ينتابني من حين لأخر
أعرفه
فــ أعراضه واحدة لا تتغير
ألا وهي
رفضي النهوض من الفراش
أسمع آذان الفجر .. فـ أتجاهله
و أقاوم نفسي اللوامة
التي تؤنبني على تأخيري في القيام للصلاة
كانت اللوامة تدفعني دفعا للنهوض من الفراش
كانت تهمس لي : قومي بس صلي الفجر
وتعالي تاني في السرير
مش لازم تشتغلي النهاردة
صلي بس وارجعي تاني للسرير
أنا هافضل نايمة مكانك أدفيلك الملاية
فــ مش هتلحق تسقع
.
.
فـ أرفض محاولاتها المستميتة
وأهز كتفي المتدثر بالغطاء الناعم
لأنطرها من على عاتقي
تسقط نفسي اللوامة على الأرض
وترتطم رأسها _ حين سقوطها _ في بوز الكومودينو
فــ تفقد وعيها
وهنا تستيقظ نفسي الآمرة بكل سوء
تضحك .. وتوسوس في أذني
جدعة يا بت
سيبك منها اللي عايزة تطلعك من الدفا ده
خليكي معايا هنا في السرير الحلو ده
الشاهد على السيكو سيكو اللي عملتيه يا شقية
و كانت تقول لفظة
" السيكو سيكو "
وهي تغمز لي بعينيها بــ مكر
وتبدأ تذكرني بـ السويعات التي قضيتها في الفراش
مع رجلي الأخير
فــ أبتسم تارة إثر ذكرى لطيفة حميمية ماجنة جمعتني به
وأخبئ رأسي تحت الدثار خجلا تارة اخرى
إثر ذكرى أخرى لطيفة _ولكنها أكثر مجونا _ جمعتنا سويا
ثم أفكر بأن الوقت لم يسعفنا لنمارس كل المجون اللطيف
فهو لم يرى كل مهاراتي
ثم أبدأ أفكر في كل الحكايات التي لم أحكيها له لضيق الوقت
أستفيق من ذكرياتي اللطيفة
على محاولات نفسي الآمرة بالسوء
وهي تمسك بيدي وتوجهها نحو قبوي
وتوسوس لي في أذني
بقالك كتير ما سلمتيش على الحمامة
إيه ؟ .. ماوحشتكيش
أبتسم .. أهز رأسي في إيجاب
وأقول : أه .. وحشتني
ثم أبدأ بضغطة تمهيدية لممارسة عادتي السرية
هنا تستفيق نفسي اللوامة من غيبوبتها
وتستعيد وعيها
أتفاجئ بها وهي تلكم نفسي الآمرة بالسوء لكمة قوية
لكمة تسقط على أثرها نفسي الآمرة بالسوء على الأرض
وهي مضرجة في دمائها
تلتفت لي اللوامة وتنظر لي بحدة
أرتعب من نظراتها
تصرخ فيا بــ حسم وصرامة
إنتي هتضربي عشرة وإنتي صايمة يا عرصة ؟
قومي يا عِلئة حالا صلي الفجر حاضر قبل الشمس ما تشرق
.
.
أرضخ لأمرها دون تلكؤ أوتباطؤ
فــ قد كنت خائفة أن تلكمني أنا الأخرى
_ وأنا ضعيفة يا بيه ومش حِمل بونية _
فــ أزيح الغطاء من على جسدي
وأتوجه إلى الحمام فورا
أتوضأ
و أخرج لأصلي الفجر حاضر
***
لم تسعفني صلاة الفجر حاضر
من الخروج من حالتي المزاجية المشوشة
رجعت إلى الفراش وأنا منخفضة الهمة أكثر من ذي قبل
حاولت أن أستعيد ذكريات لطيفة جمعتني بـ رجلي الأخير
ولكن الذكريات اللطيفة آبت أن تحضر
فــ حضرت بدلا منها ذكرياتي مع الميدان
ذكريات مقتل صديق أمام عيني
ذكريات إلقاء القبض عليا
واغتصابي من قبل ضابط شرطة حقير
لم أبكِ
أنا لم أعد أبكِ عند تكالب هذه الذكريات على رأسي
فــ أنا أقوى من ذاك .. وأضعف من ذلك
فقد أصبحت أبكي حين أكتشف أن لا لبن لدي في ثلاجتي
" عاااااااااا .. أشرب شاي بلبن إزاي أنا دلوقتي ؟ "
***
نفسي اللوامة تلازمني الفراش
تربت على كتفي تربيتات متتالية
كـ أم تهدهد طفلتها لــ تنام
و تكرر همساتها في أذني بكلمة واحدة
" معلهش "
كأنها تهون عليا أمراً ما لا أتبينه
لا أقاطع تربيتاتها الحنونة
بل أحاول أن انام فعلا
ولكن تحضر في رأسي
ذكرى ظريفة جمعتني بـ طبيبي المعالج
حين زرته في المرة الأخيرة
واستقبلني استقبال حافل .. دهشت له
وقال لي
وهو يقوم ويحييني تحية بها أداء مسرحي
أهلا أهلا أهلا
كويس إنك جيتي
ليكي عندي هدية
فــ ابتسمت وشعرت بالحماسة
وسألته : بجد ؟ .. هدية إيه ؟
فـ فتح درجه واخرج لوح شيكولاتة كبير وقدمه لي
قائلا : هدية لــ أسوأ مريضة صريحة قابلتها في حياتي
كدت أبتسم
ولكن الإبتسامة علقت على وجهي
وتجمدت ملامحي
وفغرت فاهي
ثم عدلت ملامح وجهي لتناسب اندهاشي
وسألته بعدم فهم حقيقي : إيه ؟!! أسوأ مريضة ليه ؟
فقال لي : يعني مخدتيش بالك إني قلت مريضة صريحة
وخدتي بالك بس من كلمة أسوأ
!!!
ثم أشار لي أن أجلس
فجلست قبالته
وهو بدأ بــ شرح ما تفوه به
أسوأ مريضة لأنك المريضة الوحيدة اللي قابلتها
ومعندهاش ذرة صبر على نفسها
ومابتواظبش على العلاج
بشكل محتاج دراسة نفسية على شخصيتك الغريبة
ومريضة صريحة لأنك قولتيلي من الأول
يا دكتور أنا بزهق بسرعة
ومعنديش صبر على الإستمرار في علاج مدة طويلة
ولو العلاج هيهد حيلي مش هاستمر فيه
وأنا مصدقتكيش
لأن كل المرضى بيقولوا كدة في الأول
بس ساعة الجد بيرضخوا للعلاج فعلا وبيستمروا عليه
إلا إنتي .. مفيش قوة على الأرض قدرت تخليكي تستمري
ثم سألني فجأة : هو إنتي مابتخافيش من الموت ؟
فــ ضحكت بــ قهقهة عالية .. وأجبته : لأ مابخافش
.
.
كنت أضحك فعلا اثر هذه الذكرى
حتى أن اللوامة انتبهت لي
وسألتني : هو أنتي لسة صاحية ؟
انا افتكرتك روحتي في النوم
***
نامت اللوامة
واستفاقت الآمرة بالسوء
كنت أستمع إلى قناة القرآن الكريم
كان القارئ يرتل مما تيسر من سورة المائدة
فكانت الآية
قالوا يا موسى إنّا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها
فـ اذهب انت وربك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون
كنت آسمع الآية الكريمة وأشعر بأن بقيتها يجب أن تكون
فـ اذهب انت وربك فقاتلا
إنا ها هنا قاعدون نخلّي بالنا من الشنط
كدت أضحك على نوبة إلحادي التي اغرقتني فيها الأمرة بالسوء
ولكن ما أنا طرأ على ذهني الإستهزاء بــ آيات الله
حتى استيقظت اللوامة من نومها
ولكمتني لكمة قوية
ودخلت في حلقي وتجسدت على شكل لسان
وأخذت تحرك لساني
حتى ألهج بالإستغفار
أستغفر الله العظيم يارب
أستغفر الله العظيم يارب
أستغفر الله العظيم يارب
***
هدأت حِدة اللوامة حين رأتني استعدت رشدي
فــ تركتني وحدي في الفراش وذهبت لتفعل شيئا ما
استغلت الآمرة بالسوء ذهابها
وجلست على رأسي
ومالت على أذني توسوس لي بأن اتوقف عن الإستغفار
وأبدأ بالتكسيم للناس جميعا
ولأني لا أملك بــ ربع جنيه شخصية
فــ لقد استجبت للآمرة بالسوء
وتوقفت بالفعل عن الإستغفار
وبدأت فقرة التكسيم
وأخذت أردد وأكرر
كسم فلان على علان على ترتان على الكل كليلة
حتى جاء صوت اللوامة عاليا من المطبخ
وهي تقول : سمعاكي على فكرة وهاجي أطين عيشتك دلوقتي
بطلّي تكسيم في الناس وقومي اتوضي وصلي الضهر
فـ استجبت لطلب اللوامة .. لأني كما قلت سابقا
لا أملك بــ ربع جنيه شخصية
وبسمع كلام أي نفس معدية في روحي
ولأني ارتعبت أيضا من أن تطين عيشتي
-_-
_________________
إنـــتـــهـــى
No comments:
Post a Comment